هل الميت يعذّب ببكاء اهله؟

هل الميت يعذّب ببكاء اهله؟ روى البخاري في صحيحة أحاديـث تـدلّ ّ علـى أن بكـاء أهـل الميـت سبب في عذابه ، حيث روى أن رسول االله «: قال ان الميت ليعذَّب ببكاءالحيّ»)صحيح البخاري ج2ص80) وروى مسلم في صحيحة ، عـن عبـد االله أن« : ّ حفصـة بكـت علـى عمـر فقال : ينيـاب مهلاًيا  بنيتي، ألـم […]

هل الميت يعذّب ببكاء اهله؟

روى البخاري في صحيحة أحاديـث تـدلّ ّ علـى أن بكـاء أهـل الميـت سبب في عذابه ، حيث روى أن رسول االله «: قال ان الميت ليعذَّب ببكاءالحيّ»)صحيح البخاري ج2ص80)

وروى مسلم في صحيحة ، عـن عبـد االله أن« : ّ حفصـة بكـت علـى عمـر فقال : ينيـاب مهلاًيا  بنيتي، ألـم تعلمـي أ ن رسـول االله  قـال إ«: ان الميـت يعـذَّ ب  ببكاء أهله عليه»(صحيح مسلم ج 3ص41)

وفي رواية أُخرى تنسب إليه أشار فيها إلى تعـر ض الميـت للعـذاب نتيجة النوح عليه «: يعذَّب في قبره بالنياحة عليه»(سنن النسائي ج1 ص14)

قال ابن تيمية «: ومن حماقاتهم [ أي الشيعة] إقامة المأتم والنياحة علـى من  قتل من سنين عديدة، ومن المعلوم أن المقتول وغيره مـن المـوتى إذا فعل مثل ذلك بهم عقب موتهم كان ذلك مما حرمه االله ورسوله»(منهاج السنه ج 1ص 52)وعليـه يكون البكاء على الحسين بدعة.

 

الجواب: اولا:هذه الأحاديث ، وإن نقلتهـا صـحاحهم وغيرهـا لكنّهـا منـاف لروايات تفسرها، حيث روي أن هذه الأحاديث وردت في موت يهـودي، أي أن النبي ص لما ا سمع بكاءهم على اليهودي قال: أنتم تبكون عليـه و انه  ليعذب . وإليك الحديث كما رواه مسلم فـي صـحيح ه بسـنده عـن عائشـة؛ فعن هشام بن عرو ة عن أبيه «: قال ، ذكر عند عائشة قول ابـن عمـر (الميـت يعذّب ببكاء أهله عليه)، فقالت: رحم االله أ باعبد االله الرحمن ، سمع شيئاً فلم يحفظه، إنّما مرت على رسول االله جنازة يهودي وهم يبكـون عليـه، فقـال : أنتم تبكون وأنَّه ليعذّ ب ((صحيح مسلم ج3 ص44)فلاشـك فـي أن النبـي يشـير إلـى أن هـذا اليهـودي مـن أهـل النـار ويعذّب في قبره بسبب عمله وكفره بنبـوة خـاتم الأنبيـاء، وهـذا لاربـط لـه بعذاب المؤمن بسبب بكاء أهله عليه . وفي رواية أُخرى ، عنها أيضاً لما، ا سمعت قول ابن عمر: الميت يعـذّ ب ببكاء أهله عليه قالـت : إنّمـا قـال رسـول الله: إ«:انه ليعـذَّ ب بخطيئتـه أو بذنبه»(نفس المصدر السابق)

وفي روايه اخرى ان عائشه انكرت ما سمعت به من مقاله ابن عمر واقسمت بالله انه ما قاله رسول الله صلى الله عليه واله لما سمعت مقالته من ابن عباس واليك الروايه:

قال ابن عباس:« دخل صهيب يبكي ويقول واخاه وصاحباه فقال عمر يا صهيب اتبكي عليّ وقد قال رسول الله ان الميت يعذب ببعض بكاء اهله عليه فقال ابن عباس فلما مات عمر ذكرت ذلك لعائشه فقالت يرحم الله عمر لا والله ما حدث رسول الله ان الله يعذب المؤمن بكاء احد ولكن قال ان الله يزيد الكافر عذابا ببكاء اهله عليه»(صحيح مسلم ج3 ص44)

ثانيا :ان هذه الاحاديث على فرض صدورها عن النبي فهي تتعارض مع قوله تعالى : ﵟوَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ ‌وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرۡجِعُكُمۡ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ ١٦٤ ﵞ  وقد استشهدت عائشه بالايه ردا على من قال ان الميت ليعذب ببكاء اهله عليه قائله حسبكم القران : ﵟوَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ ‌وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرۡجِعُكُمۡ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ ١٦٤ ﵞ

قال الالباني:« ثم ان ظاهر هذه الحديث مشكل لانه يتعارض مع بعض اصول الشريعه وقواعدها المقرره في مثل قوله تعالى ولا تزر وازره وزره اخرى» (احكام الجنائز وبدعهاص42»

وقال الحاكم النيسابوري:« اتفق الشيخان على اخراج حديث ايوب السختياني عن عبد الله بن ابي مليكه مناظره عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس في البكاء على الميت ورجوعهما فيه الى ام المؤمنين عائشه وقولها والله ما قال رسول الله صلى الله عليه واله ان الميت يعذب ببكاء احد ولكن رسول الله صلى الله عليه واله قال ان الكافر يزيده عند الله بكاء اهله عليه عذابا شديدا وان الله هو اضحك وابكى ولا تزر وازره وزر اخرى» (المستدرك علي الصحيحين ج1 ص381)

ثالثا: ان ذلك يتناقض مع اقرار النبي عمل نساء الانصار في البكاء على موتاهن في موارد كثيره من قبيل اقراره ببكاء صفيه عمه النبي على اخيها حمزه كما ذكر الواقدي من ان النبي صلى الله عليه واله كان يومئذ اذا بكت صفيه يبكي واذا نشجت ينشج قال: وجعلت فاطمه تبكي فلما بكت بكى رسول الله صلى الله عليه واله .(الكامل في التاريخ مجلد ثاني صفحه 170 ومجمع الزوائد مجلد سادس صفحه 120)

رابعا: ان ذلك يتناقض مع فعل النبي صلى الله عليه واله وبكائه في موارد كثيره بل روي انه اغمي عليه من شدته على حمزه كما بكى ايضا على جنازه ولده ابراهيم فساله عبد الرحمن بن عوف قائلا وانت يا رسول الله؟! فقال ان العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول الا ما يرضى ربنا ( صحيح البخاري المجلد الاول صفحه 155) وانه بكى على قبر امه امنه (المستدرك على الصحيحين مجلد الاول صفحه 377)

ويذكر الحاكم النيسابوري في مستدركه بكاء فاطمه على قبر حمزه كل يوم الجمعه كانت فاطمه تبكي وتصلي عند قبر عمها الحمزه كل يوم الجمعه (وفاء الوفاء المجلد الثالث صفحه 135)

وبهذا يتضح ان البكاء اصبح من السنن الانسانيه والدينيه المتعارفه في زمن الرسول صلى الله عليه واله بحيث وصل الى الحد الذي لا يستطيع احد ان يشكك في حرمته وقد بكى يعقوب اذ غيب الله ولده وقال: ﵟوَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَٰٓأَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ ‌وَٱبۡيَضَّتۡ ‌عَيۡنَاهُ ‌مِنَ ‌ٱلۡحُزۡنِ فَهُوَ كَظِيمٞ ٨٤ ﵞ  حتى قيل كما في تفسير هذه الايه من الكشاف ما جفت عيناه من وقت فراق يوسف الى حين لقائه 80 عاما وما على وجه الارض اكرم على الله من وعن رسول الله صلى الله عليه واله كما تفسير هذه الايه من الكشاف ايضا انه سئل جبرائيل ما بلغ من وجد يعقوب على يوسف قال وجد 70 ثكلي قال فما كان له من الاجر قال اجر 100 شهيد وما ساءظنه بالله ساعه قط (تفسير الكشاف مجلد ثاني صفحه 450)