المعنى اللغوي والاصطلاحي للبدعة

  البدعة مصدر (بَدَعَ) ولهذه الكلمة في كتب اللغة ذكرٌ يتناول أصل استخدامها عند العرب، والمعاني التي تدل عليها هذه الكلمة، ثم انتقال هذه المعاني إلى دلالات أخرى اشتقت من المعاني الأصلية لكلمة بدع. وفي جمهرة اللغة: (كل من أحدث شيئا ً فقد ابتدعه، والاسم البدعة، والجمع: البدع) وفي الصحاح: (أبدعت الشيء: أخرجته لا على […]

 

البدعة مصدر (بَدَعَ) ولهذه الكلمة في كتب اللغة ذكرٌ يتناول أصل استخدامها عند العرب، والمعاني التي تدل عليها هذه الكلمة، ثم انتقال هذه المعاني إلى دلالات أخرى اشتقت من المعاني الأصلية لكلمة بدع.

وفي جمهرة اللغة: (كل من أحدث شيئا ً فقد ابتدعه، والاسم البدعة، والجمع: البدع) وفي الصحاح: (أبدعت الشيء: أخرجته لا على مثال، والله تعالى بديع

المعني الاصطلاحی:

ابن تیمیه: البدعة في الدين هي ما لم يشرعه الله ورسوله وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب ولا استحباب، فأما ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب وعُلم بالأدلة الشرعية، فهو من الدين الذي شرعه الله – إلى أن قال – سواء ً كان هذا مفعولا ً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو لم يكن … ) .

والبدعة ما خالفت الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة من الاعتقادات والعبادات، كأقوال الخوارج والروافض والقدرية والجهمية، وكالذين يتعبدون بالرقص والغناء في المساجد، والذين يعتبدون بحلق اللحى وأكل الحشيشة، وأنواع ذلك من البدع التي يتعبد بها طوائف من المخالفين للكتاب والسنة

قول أحمد بن حجر الهيتمي المكي:

(البدعة: هي ما لم يقم دليل شرعي على أنه واجب أو مستحب سواء ً فعل في عهده صلى الله عليه وسلم أو لم يفعل كإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب … ) .

قول الحافظ ابن حجر:

(والمحدثات … جمع محدثة، والمراد بها ما أُحدث وليس له أصل في الشرع، ويسمى في عرف الشرع بدعة، وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة، فالبدعة في عرف الشرع مذمومة بخلاف اللغة: فإن كل شيء أحدث على غير مثال يسمى بدعة، سواءٌ كان محمودا ً أو مذموما ً) .

قول الإمام النووي:

(البدعة: بكسر الباء في الشرع: هي إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم)

قول الإمام العيني:

(قوله: (محدثاتها) جمع مُحدثة، والمراد به ما أُحدث وليس له أصل في الشرع، وسمي في عرف الشرع بدعة، وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة) .

 

البدعة هي ما ليس له أصل في الدين

أعمال الخلق سواء كانت عبادات أو عادات، عقائد أو أقوال أو أفعال لها أصول في الدين لا تصح مخالفتها.

ولأجل ذلك كان أصل الضلالات في العبادات والمعاملات، اتخاذ دين لم يشرعه الله، أو تحريم ما لم يحرم الله.

1- العبادة لله وحدة.

2- العبادة له بما شرعة.

والمبتدع حقيقة يعبد هواه ورأيه وذوقه، وإن كان قصده ببدعته عبادة الله؛ لأنه سلك لهذه العبادة طريقاً لم يشرعها الله، (وإذا كانت جميع الحسنات لا بد فيها من شيئين: أن يراد بها وجه الله، وأن تكون موافقة للشريعة، فهذا في الأقوال والأفعال … في الأمور العلمية والأمور العبادية) .

وذلك بمخالفة الأصلين العظيمين اللذين لا صحة للعبادة ولا قبول إلا بهما، وهم .

فإن المبتدع وإن تعبد ببدعته، وقصد بها وجه الله، فإنه متعبد على غير أصل، مبتدع ما لم يشرعه الله ورسوله.

قال الحافظ ابن حجر: (والمحدثات … جمع محدثة، والمراد بها ما أحدث وليس له أصل في الشرع، ويسمى في عرف الشرع بدعة) ، وقال عند شرحه لقوله – صلى الله عليه وسلم -: (” من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد “، فإن معناه: من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله، فلا يلتفت إليه) .

وفي عمدة القارئ: (قوله (محدثاتها) جمع محدثة، والمراد به ما أحدث وليس له أصل في الشرع – إلى أن قال – وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة) .

قال ابن رجب: (والمراد بالبدعة: ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه أما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعاً وإن كان بدعة لغة) .

المراد بالأصل:

يرد عند تعريف البدعة قول بعض العلماء عنها: إنها ما لا أصل له من الدين، ويراد بالأصل هنا الدليل، فما لا دليل عليه فهو بدعة، والدليل الذي يعتمد عليه في ثبوت العبادة، والذي لا يصح مع ثبوته وصف العمل بالبدعية ما يلي:

1- كتاب الله – سبحانه وتعالى -.

2- سنة الرسول – صلى الله عليه وسلم – الثابتة بالأسانيد الصحيحة عن طريق التواتر أو الآحاد في العبادات أو العقائد أو غيرها، والسنة ما كان فعلاً له – صلى الله عليه وسلم – أو قولاً أو تقريراً، ولم يكن على سبيل الخصوص، ولم يكن من الأفعال الجبلية أو من الأفعال التي عملها بحكم الاتفاق، كنزوله للصلاة في مكان ما لكونه صادف وقت الصلاة.

3- الإجماع

وهو (اتفاق مجتهدي هذه الأمة بعد النبي – صلى الله عليه وسلم – على حكم شرعي) ، أي على أمر من الأمور سواء كان فعلاً أو تركاًَ، وفيه أحكام:

1) إجماع الأمة حق فلا تجتمع الأمة على ضلال.

2) إجماع الأمة حجة قطعية، إذا كان الإجماع قطعياً، وظنية إذا كان الإجماع ظنياًَ.

3) إذا ثبت إجماع الأمة على حكم من الأحكام، لم يكن لأحد أن يخرج على هذا الإجماع.

4) الإجماع السكوتي حجة، ويشترط في الإحتجاج به انتفاء موانع الإنكار.

 

5) لا يمكن أن يقع الإجماع خلاف دليل صحيح صريح وغير منسوخ.

6) لا توجد مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول – صلى الله عليه وسلم -، ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس، ويعلم الإجماع فيستدل به، وقد علم باستقراء موارد الإجماع أنها كلها منصوص عليها.

7) لا إجماع مع ثبوت الخلاف.

8) الإجماع الذي ينضبط هو ما كان عليه السلف الصالح، إذ يعدهم كثر الإختلاف وانتشر في الأمة.

ومن أدلة الإجماع ما رواه ابن أبي عاصم بسند حسن، عن كعب بن عاصم الأشعري وأنس بن مالك عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ” إن الله تعالى قد أجار أمتي من أن تجتمع على ضلالة “.

الآيات التي تأمر بالاتباع وتنهى عن الابتداع

 

قال الله عز وجل: (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون وَيُؤتُونَ الزَكَاةَ وَاَلَذِينَ هم بآياتِنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي) إلى قوله: (فالذين آمنوا بِه وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذِي أنزل معه أولئك هم المفلحون) .

وقال تعالى: (واتبعوه لعلكم تهتدون) .

وقال تعالى: (إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذُنُوبَكُمْ) .

وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تَسْمَعُونَ) إلى قوله: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يُحْيكُم) .

وقال تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) .

وقال تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) .

وقال تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) .

وقال تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) .

قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في قوله: (فردوه إلى الله والرسول) أي إلى ما قاله الله والرسول.

إلى غير ذلك من الآيات.

 

الأحاديث التي تأمر بالاتباع وتنهى عن الابتداع

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: خط لنا رسول الله (خطاً، ثم قال: ” هذا سبيل الله ” ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله، ثم قال: ” هذه سُبل، على كل سبيل منها شيطانٌ يدعو إليه ” ثم قرأ ” وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ” الآية.

وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه، قال: صلى بنا رسول الله (ذات يوم، ثم أقبل علينا بوجهه، فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب؛ فقال رجل: يا رسول الله، كأنها موعظة مُودِّع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: ” أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً؛ فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ. وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، أخرجه أبو داود والترمذي “.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله) : ” ذروني ما تركتكم فإنما هلك الذين من قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ” متفق عليه.وعن بلال بن الحارث أن النبي (قال له: ” اعلم قال: ما اعلم يا رسول الله؟ قال: اعلم يا بلال. قال ذروني أعلم يا رسول الله؟ قال: إنه من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً، ومن ابتدع بدعة.