لماذا الشيعة يسجدون على التربة ؟!

الجواب : یعتبر السجود لله أهم العبادات فی نظر الإسلام، أو من أهم العبادات، وکما جاء فی الروایات: إنّ أقرب ما یکون الإنسان من ربّه وهو ساجد. وکان لقادتنا العظماء سجدات طویلة، وخاصة رسول الله(صلى الله علیه وآله)وأهل بیته(علیهم السلام). إنّ السجود الطویل لله تعالى یربی الروح الإنسانیّة، وهو من أجلى مصادیق العبودیة والخضوع للذات […]

الجواب :

یعتبر السجود لله أهم العبادات فی نظر الإسلام، أو من أهم العبادات، وکما جاء فی الروایات: إنّ أقرب ما یکون الإنسان من ربّه وهو ساجد. وکان لقادتنا العظماء سجدات طویلة، وخاصة رسول الله(صلى الله علیه وآله)وأهل بیته(علیهم السلام).

إنّ السجود الطویل لله تعالى یربی الروح الإنسانیّة، وهو من أجلى مصادیق العبودیة والخضوع للذات الإلهیة، ولهذا السبب جاءت الشریعة بالسجدتین فی کل رکعة من الصلاة، ومن أبرز مصادیق السجود: سجدة الشکر، إضافة إلى سجدات تلاوة القرآن الواجبة والمستحبة.

الإنسان فی حال السجود ینسى کل شیء ماعدا الله سبحانه، ویرى نفسه قریباً جدّاً منه، وقد أخذ مکانه على بساط القرب.

وأساتذة السیر والسلوک والعرفان، ومعلمو الأخلاق یؤکدون کثیراً على مسألة السجود.

إنّ مجموع ما ذکرناه دلیل واضح على الحدیث المشهور: إنّه لا یوجد عمل یزعج الشیطان أکثر من سجود الإنسان لربّه. ونقرأ فی حدیث آخر أنّ

النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) قال لأحد أصحابه: «وإذا أردتَ أن یَحْشُرَکَ اللهُ مَعِی یَوْمَ الِقیَامة فَأطِلِ السُّجُودَ بَیْنَ یَدَی اللهِ الوَاحِد القَهَّار»[1]

و بما أن من أركان الصلاة سجدتين في كل ركعة فلابد أن نعلم على ماذا لابد أن نسجد حتى تتعالى روح الإنسان أكثر فأكثر ، فعندما نراجع إلى الروايات نجد بأن رسول الله كان لا يسجد إلا على ألأرض أو ما أنبتت الأرض من غير مأكول و ملبوس و كان يأمر أصحابه أن يضعوا جباههم على الأرض و لا يكون بين جباههم و الأرض مانع .

الشيعة يلتزمون بالسجود على الأرض وما أنبتت ، بشرط أن لا يكون مأكولاً ولا ملبوساً . ولا يجيزون السجود على الثياب ، ولا على ما لا يسمى أرضاً ، كالمعادن من الحديد والذهب والفضة ، ولا على الرماد ، والفحم .

وهم يستدلون على ذلك بروايات كثيرة ، جمع طائفة كبيرة منها المرحوم الشيخ علي الأحمدي في كتابه « السجود على الأرض » .

فالشيعة أيضاً لا يوجبون السجود على التربة فحسب ، بل يوجبون السجود على الأرض ـ التي منها التربة ـ أو ما أنبتته الأرض إلاّ ما أكل أو لبس ، فلا يجوز السجود عليه، ويستدلّون على ذلك بـ :

1-قول رسول الله (ص) : ( جعلت لي الارض مسجداً وطهوراً ) .[2]

ومن المعلوم ان لهذا الحديث ألفاظاً مختلفة ولكنّ المعنى والمضمون واحد. كما لا يخفى ان المقصود من كلمة ( مسجداً ) يعني مكان السجود ، والسجود هو وضع الجبهة على الارض تعظيماً لله تعالى . ومن كلمة ( الارض ) يعني التراب والرمل والحجر و …

ومما لا شك فيه أن التربة جزء من اجزاء الارض فيصح السجود عليها .

(2) روى عبد الرزاق عن خالد الجهني قال : رأى النبي صهيباً يسجد كأنّه يتقي التراب فقال له النبي (ص) : ( ترب وجهك يا صهيب ). (كنز العمال 4 / 100 الرقم 2129) .

وصيغة الامر ـ ترّب ـ هنا تدل على استحباب السجود على التربة دون غيرها من اجزاء الارض .

3-قال رسول الله (ص) لمعاذ : ( عفّر وجهك في التراب ) .(ارشاد الساري 1 / 405 ).

والكلام في الحديث السابق يأتي هنا أيضاً .

4- قال رسول الله (ص) : ( إذا سجدت فمكّن جبهتك وانفك من الارض ) .[3]

5-عن جابر بن عبد الله الانصاري قال : كنت أصلي مع رسول الله (ص) الظهر فآخذ قبضة من حصى في كفّي لتبرد حتى أسجد عليها من شدّة الحر .[4]

فنقول: لو كان السجود على الثياب جائزاً لكان أسهل من التبريد جداً ، وهذا الحديث ظاهر على عدم جواز السجود على غير الارض.

6- قال الصادق (ع) : ( لا تسجد إلاّ على الارض أو ما انبتت الارض إلاّ القطن والكتّان).[5]

7- قال الصادق (ع) : ( السجود على الأرض فريضة وعلى الخمرة سنّة ) [6]

وظاهره أن السجود على الارض فرض من الله عز وجل والسجود على الخمرة التي هي من النباتات ( حصيرة مصنوعة من سعف النخل ) ممّا سنّه الرسول (ص) .

8- قال الصادق (ع) : ( السجود على ما انبتت الارض إلاّ ما اكل أو لبس ) . [7]

والنتيجة: ان جميع الاحاديث تدل على وجوب السجود على الارض أو ما انبتت من دون عذر ، ومما لا شك فيه أن التربة هي جزء من الارض فيصح السجود عليها، بل تستحب إذا كانت من أرض كربلاء لوجود روايات كثيرة في هذا المجال عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام).

[1] سفینة البحار، مادة (سجود).

[2] روي هذا الحديث عند أهل السنة في : (صحيح البخاري 1 / 149 ح2 ، 1 / 190 ح98)، (صحيح مسلم 2 / 63)، ( سنن الترمذي 2 / 131 ح 317)، (سنن النسائي 2 / 56)، (سنن ابي داود 1 / 129 ح489)، (مسند احمد 2 / 240 ، 250) .

وعند الشيعة في :

(الكافي / الكليني ج2 كتاب الايمان ـ باب الشرايع ح1 ص17 ، من لا يحضره الفقيه / الصدوق 1 / 231)، وغيرهما من كتب الحديث .

[3]  (أحكام القرآن / الجصّاص 3 / 209) .

[4] (مسند أحمد 2 / 327 ، سنن النسائي 2 / 204 ، سنن أبي داود 1 / 110) .

[5]  (الكافي 3 / 330) .

[6] .(الكافي 3 / 331 ).

[7] (علل الشرايع 2 / 30) .