التوسل

  بسم اللّه الرحمن الرحیم التوسل «اُدعُ إلی سَبِیلِ رَبِّکَ بِالحِکمَةِ وَال-مَوعِظَةِ ال-حَسَنَة» یطرح کلّ فرقة من فرق الإسلام مباحث فی الأصول الدینیّة. إدّعت فرقة الوهّابیّة _ التی أسّسها محمّد بن عبد الوهّاب ولقّحها أحمد بن تیمیّة _ فی التوحید أنّهم الموحّدون حقیقة، ویخالفون جمیع المسلمین بعقائدهم ویرونهم مشرکین؛ وفی الحقیقة ینسبون إلی الله تعالی […]

 

بسم اللّه الرحمن الرحیم
التوسل

«اُدعُ إلی سَبِیلِ رَبِّکَ بِالحِکمَةِ وَال-مَوعِظَةِ ال-حَسَنَة»

یطرح کلّ فرقة من فرق الإسلام مباحث فی الأصول الدینیّة. إدّعت فرقة الوهّابیّة _ التی أسّسها محمّد بن عبد الوهّاب ولقّحها أحمد بن تیمیّة _ فی التوحید أنّهم الموحّدون حقیقة، ویخالفون جمیع المسلمین بعقائدهم ویرونهم مشرکین؛ وفی الحقیقة ینسبون إلی الله تعالی فی التوحید نِسَباً لا تلیق بشأنه «سُبحانَهُ وَتَعَالَی عَمَّا یُشرِکُونَ».

وفیما یلی نستعرض بعضاً من عقائد الوهّابیّة:

الف) لله تعالی جهة الفوق والإستواء علی العرش والنزول والقرب والمجیئ والعینین والید الیمنی والیُسری والوجه والأصابع والکفّ کلّها بمعانیها الحقیقیّة من دون تأویل.

ب) إنّ طلب الشفاعة من الأنبیاء والأولیاء والتیمّن بهم والإستغاثة والتوسّل بهم إلی اللّه تعالی بقول: «یا رسول اللّه أتوسّل بک إلی اللّه» والتبرّک بقبورهم والصلاة والدعاء عندها وتعظیمهم والنذر والذبح لهم وتزیین القبور وبنائها وتشیید القبّة علیها، کلّ ذلک شرک وکفر وعبادة للأصنام والأوثان؛ یستلزم حلّ المال والدم.

ج) یقولون إنّ الأنبیاء والصلحاء أموات ولیس لهم أدنی إحترام کان یقول بعض أتباعه والمقربین منه:

«عصای هذه خیر من محمّد» لأنّه ینتفع بها فی قتل الحیّة ونحوها ومحمّد قد مات ولایرجی منه شیء ولا یصدر منه أیّ عمل.

د) قسّموا التوحید إلی قسمین: التوحید فی الربوبیّة، وهو الإعتقاد بأنّ الخالق الرازق المدبّر للأمر هو اللّه، والتوحید فی العبادة، وهو صرف العبادة، کلّها إلی اللّه ویرون إنّ القسم الأوّل من التوحید لا قیمة ولانفع له دون القسم الثانی منه لأنّ مشرکی قریش کانوا یعتقدون بالأوّل فلم ینفعهم لعدم إقرارهم بالثانی؛ کذلک المسلمون لا ینفعهم الإقرار بتوحید الربوبیّة لعبادتهم الأنبیاء والصالحین وقبورهم بنفس الأشیاء التی مرّ ذکرها التی کان المشرکون یعبدون أصنامهم بها.

ه-) ویقولون الکفر نوعان: مطلق ومقید، فالمطلق أن ینکر جمیع ما جاء به الرسول صلی الله علیه و آله و المقیّد أن ینکر بعضه حتّی أنّ بعضهم یقول من أنکر فرعاً من الفروع الإجمالیّة فهو کافر! فکفر المسلمین المعاصرین من مسلّماتهم.

و) قسّموا الشرک إلی قسمین أکبر و أصغر، وعدّوا التوسّل وطلب الشفاعة وتعظیم غیر الله من الشرک الأکبر.

العبادة لغة والإصطلاحاً

من الضروریّ قبل الشروع فی المباحث المرتبطة معرفة معنی العبادة و الشرک.

العبادة لغةً: التذلّل والخضوع. وإنّ الطریق المسطّح للسلوک أو العبور فیه، یسمّی بالطریق المعبَّد _ أی المذلَّل لکن فی التعابیر الدینیّة (الکتاب و السنة) لیست بمعنی مطلق التذلّل والخضوع بل المراد منها التذلّل والخضوع الخاصّ ویعبّر عنها بالفارسیّة ب- (پَرَستِش) و فی استعمالات العرب ب- (التألّه) بمناسبة تلک المعانی اللغویّة.

فهی کالصلاة والزکاة والصوم والحجّ الذی وردت هذه الألفاظ بمعنی الدعاء والطهارة والإمساک والقصد فی اللغة، واستعملت فی النصوص الدینیّة بمناسبة معناها اللغویّ فی الدعاء المخصوص والطهارة المخصوصة والإمساک المخصوص والقصد المخصوص، فلهذه العبارات معانٍ خاصّة لا یبقی إجمال فیها مع وجود القرینة لکلّ واحد منها فی موارد الإستعمال وإذا لم توجد أصبح الکلام مجملا.

الشرک لغةً والاصطلاحاً

الشرک لغةً: إسم للإعتقاد بتعدّد الآلهة، والمشرک مَن جعل لله شریکاً ویری غیره _ مستقلّاً _ مؤثّراً و قادراً فی أداء الأمور.

الشرک علی أقسام:

١. الشرک فی الخِلقة: وهو الإعتقاد بالمساواة مع الله فی الذات والصفات، کاعتقاد البعض بألوهیّة نبیّ الله عیسی بن مریم (علی نبیّنا وآله وعلیه السلام) وأمثال ذلک، أو (حلول الله فی موجود). ٢. الشرک فی تدبیر العالم: وهو الإعتقاد بمبدئین مستقلّین للعالَم کالنور والظلمة.

٣. الشرک فی العبادة: وهو عبادة غیر الله کعبادة الصنم، الشمس، الإنسان أو ما شابه… وتسمّی هذه الأقسام الثلاثة بالشرک الجلیّ.

٤. الشرک الخفیّ: وهو أن یلاحظ «الإنسان» فی أعماله غیر الله، أو أن یکون له داع غیر الله فی عمله الشرعیّ العبادیّ.

إستدلال الوهّابیّة

اشارة

یقول الوهّابیّة: کلّما ذکر سابقاً من عقائد المسلمین فهو شرک، لأنّ العبادة بمعنی التذلّل، والتذلّل لغیر الله شرک، فالدعاء وطلب الحوائج من الأنبیاء والأولیاء الذین مضوا إلی ربّهم وتعظیم قبورهم وسائر الأمور المتقدّمة شرک.

إجابة علی الإشکال بإختصار

إنّ مطلق التذلّل لیس بشرک، وإلّا لزم أن یکون التذلّل للأب والأمّ و أستاذ وأمثالهم واحترام العقلاء بعضهم بعضا شرکا، والحال أنّ هذه الأمور قد حثّ علیها القرآن والسنة الشریفة وهی حسنة لدی العظماء. فلیس کلّ تواضع واحترام عبادة؛ بل التواضع والتذلّل لشخص لألوهیّته وأنّه المؤثّر فی الأمور بالإستقلال عبادة وهذا العبادة منحصرة بالله تعالی. وفیما یلی نورد بعض الآیات کشاهد علی ما ذکرنا:

١. وقوله تعالی:

«یَا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا مَن یَرتَدَّ مِنکُم عَن دینِهِ فَسَوفَ یَأتِی اللَّهُ بِقَومٍ یُحِبُّهُم وَیُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَی المُؤمِنینَ أَعِزَّةٍ عَلَی الکَافِرینَ».

٢. قوله تعالی:«وَاخفِض لَهُمَا جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما کَمَا رَبَّیَانی صَغیرَاً».

وکذلک نذکر شاهداً من السنّة الشریفة:

٣. وفی رسالة الحقوق للإمام السجّاد علیه السلام :وَأَمَّا حَقُّ الکَبِیرِ فَإِنَّ حَقَّهُ تَوقِیرُ سِنِّهِ وَإِجلَالُ إِسلَامِهِ إِذَا کَانَ مِن أَهلِ الفَضلِ فِی الإِسلَامِ بِتَقدِیمِهِ فِیهِ وَتَرکُ مُقَابَلَتِهِ عِندَ الخِصَامِ وَلَاتَسبِقهُ إِلَی طَرِیقٍ وَلَا تَؤُمَّهُ فِی طَرِیقٍ وَلَاتَستَجهِلهُ وَإِن جَهِلَ عَلَیکَ تَحَمَّلتَ وَأَکرَمتَهُ بِحَقِّ إِسلَامِهِ مَعَ سِنِّهِ فَإِنَّمَا حَقُّ السِّنِّ بِقَدرِ الإِسلَامِ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.

 

ما ذکرناه إشکال کلّیّ وإجمالیّ یرتبط بجمیع المباحث المذکورة وجواب کلّیّ لها والآن نشرع فی تحقیق کلّ واحد بالتفصیل.من المباحث التی تسترعی التوجه موضوع التوسّل وبما أنّه یکثر الإبتلاء به نقدّمه علی المباحث الأخری

معنی التوسّل: هو طلب الوسیلة للوصول إلی المقصود والمطلوب

والمراد منه هنا جعل الأنبیاء والأولیاء وسیلة للوصول إلی الحوائج أو رفع الضرر أو جلب المنفعة فی الأمور الدنیویّة أو الأخرویّة.

أقسام التوسّل: یمکن تقسیم التوسّل بالأنبیاء والأولیاء إلی ثمانیة أقسام:

  1. الطلب من الله بحقّ الأنبیاء والأولیاء من دون مخاطبتهم وذلک فی أثناء حیاتهم.
  2. الطلب من الله بحقّ الأنبیاء والأولیاء من دون مخاطبتهم وذلک بعد مماتهم.
  3. مخاطبة الأنبیاء والأولیاء وطلب الدعاء منهم فی حیاتهم.
  4. مخاطبة الأنبیاء والأولیاء و طلب الدعاء منهم بعد مماتهم.
  5. مخاطبة الأنبیاء والأولیاء وطلب الحوائج منهم مع الإعتقاد بأنّهم مستقلّون فی إعطاء حوائج المؤمنین (وکلّ کمال وقدرة إنّما یملکونه ذاتاً) فی حیاتهم وبعد مماتهم.

7_ 8. مخاطبة الأنبیاء والأولیاء مع الإعتقاد بأنّهم لا إستقلال هم فی إعطاء حوائج المؤمنین (وکلّ کمال وقدرة لهم من جانب الله وبإذنه) فی حیاتهم أو بعد مماتهم.

التحقیق فی الأقوال الثمانیة

اشارة

إنّ القسم الخامس والسادس من التوسّل _ علی ضابطة کلّیّة_ باطل وشرک وبقیّة الأقسام صحیحة لا إشکال فیها، وفیما یلی نشرع فی تحقیق کلّ قسم علی حدة:

القسم الأوّل والثانی من التوسّل

إنّ الوهّابیّة تعتقد أنّ التوسّل بهاتین الصورتین شرک ولا یجوز، لأنّ قول (اللَّهُمَّ إِنِّی أَسأَلُکَ بِحَقِّ نَبِیِّکَ…) هو جعل الوساطة فیما بیننا وبین الله؛ والله العلیّ الأعلی یقول فی القرآن: «أَفَحَسِبَ الَّذینَ کَفَرُوا أَن یَتَّخِذُوا عِبادِی مِن دُوِنی أَولِیاءَ»،فمثل هذا التوسّل مذموم ومنهیّ عنه.

وورد فی کتاب الهدیّة السنیّة تحت عنوان الشفاعة والوساطة وحقّ الله وحقّ رسوله وأولیائه:

فنحن نقول: لیس للخلق من دون الله من ولیّ ولا نصیر، وسایر الشفعاء محمّد(ص) سیّدهم وأفضلهم فمن دونه لا یشفعون لأحد إلّا بإذنه:«مَن ذَا الَّذی یَشفَعُ عِندَهُ إلَّا بِإِذنِهِ»، «أَ فَحَسِبَ الَّذینَ کَفَرُوا أَن یَتَّخِذُوا عِبَادِی مِن دُوِنی أَولِیاءَ»، «وَلَا یَشفَعُونَ إلَّا لِمَنِ ارتَضَی وَهُم مِن خَشیَتِهِ مُشفِقُونَ». وإذا کان کذلک، فحقیقة الشفاعة کلّها لله فلا تسأل فی هذه الدار إلّا منه سبحانه وتعالی وأن یشفع فیه نبیّه(ص) فجمیع الأنبیاء والأولیاء لا یجعلون وسائل ولا وسائط بین الله وبین الخلق فی جلب الخیر أو دفع الشرّ ولا یجعل لهم من حقّه شیء، لأنّ حقّه تعالی وتقدّس غیر جنس حقّهم، فإنّ حقّه عبادته بأنواعها بما شرع فی کتابه وعلی لسان رسوله، وحقّ انبیائه علیهم السلام الأیمان بهم وبما جاؤوا به وموالاتهم وتوقیرهم واتباع النور الذی أنزل معهم… وکذلک حقّ أولیائه محبّتهم والترضی عنهم والایمان بکراماتهم لا دعاؤهم لیجلبوا لمن دعاهم خیرا

وکذلک ورد فی الکتاب المذکور (المنسوب لعبد العزیز بن محمّد بن مسعود):وأمّا الإقسام علی الله بمخلوق فهو منهیّ عنه باتفاق العلماء وهل هو منهیّ عنه نهی تنزیه أو تحریم علی قولین، أصحّهما أنّه کراهة تحریم واختاره العزیز بن عبدالسلام فی فتاویه قال بشر بن الولید سمعت أبا یوسف یقول: قال أبوحنیفه: لا ینبغی لأحد أن یدعو الله إلّا به وأکره أن تقول بمعقد العزّ من عرشک، أو بحقّ خلقک، وهو قول لأبی یوسف، قال أبو یوسف: بمعاقد العزّ من عرشک: هو الله، فلا أکره هذا وأکره بحقّ فلان أو بحقّ أنبیائک ورسلک… وبحقّ المخلوق لا تجوز لهذا فلایقول: اسألک بفلان وبملائکتک وأنبیائک ونحو ذلک، لأنّه لا حقّ للمخلوق علی الخالق إنتهی.

الجواب عن هذا الإستدلال

إنّ بعض الآیات المذکورة ضمن إستدلال الکتاب

ترتبط بمبحث الشفاعة والذی سنبحث عنه بالتفصیل، وما یرتبط ببحث (الحقّ) فإنّ المذکور فی الإستدلال تقسیم معناه، والجواب عنه کما یلی:

الف) الدلیل العقلی

المقصود من حقّ أولیاء الله فی قولنا: «أَللّهُمَّ إنِّی أَسأَلُکَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله» لیس حقّ الألوهیّة حتّی یقال: إنّ جنس حقّ الله غیر حقّ أولیائه، بل المقصود المقامات التی أعطاهم الله تعالی لعبودیّتهم؛ وأنّ الطلب من الله بتلک المقامات التی منحهم إیّاهاأمر معقول ولم یرد نهی علیه من قِبَل الله تعالی، والآیات المذکورة کقوله تعالی: «أَ فَحَسِبَ الَّذینَ کَفَرُوا أَن یَتَّخِذُوا عِبَادی مِن دُونی أَولِیاء»،«مَن ذَا الَّذی یَشفَعُ عِندَهُ إلَّا بِإِذنِه»، لا ترتبط بهذا البحث. ألا ومن العجب مع الأسف أنّ الطلب من الله بالعمل الصالح _ کما صُرِّح بذلک فی کتب الوهّابیّة (ویتمثّلون له بحدیث الغار) _ صحیح لکنّ الطلب من الله بحقّ مَن عملوا أحسن الأعمال الصالحة وعلّموا جمیع الأعمال الصالحة، غیر جائز وشرک؟!

ینقل السمهودی الشافعی عن السُّبکی أنّه قال:وإذا جاز السؤال بالأعمال کما فی حدیث الغار (الذی نقله البخاریّ فی صحیحه)

الصحیح وهی مخلوقة فالسؤال بالنبی صلی الله علیه و آله أولی… .

نتیجة الدلیل العقلی

قد تبیّن ممّا سبق أنّه یجوز عقلاً قول (اللّهمّ إنّی أسألک بحقّ محمّد صلی الله علیه و آله) ونظیره، ولم یرد نهی عن شریعة الإسلام المقدّسة؛ والتوسّل بهذا المعنی لیس شرکاً بل هو أمر راجح وجائز، وتبیّن أیضا الجواب عمّا نقل عن کتاب (الهدیّة السنیّة)

وهو أنّه لیس المقصود من (الحقّ) الطلب ولا یکون کذلک حتّی یقال: (لا حقّ للمخلوق علی الخالق) بل المراد منه أنّ الله تعالی جعل فی أولیائه و عباده الصالحین شرافة وکرامة والطلب من الله بتلک الشرافة امر معقول.

ب) الدلیل النقلیّ

مضافاً إلی ما ذکرنا قد ورد التوسّل بهذا المعنی فی الأدعیة المنقولة عن أهل السنّة، فقد نقل صاحب کتاب (الهدیّة السنیّة) ضمن بحثه حول التوسّل عن الترمذیّ والحاکم وابن ماجة، هذا الدعاء؛ینبغی الإلتفات إلی أنّ عثمان بن حنیف یقول: جاء رجل أعمی إلی رسول الله صلی الله علیه و آله و شکی عنده العمی، فعلّمه رسول الله هذه الدعاء.

ثمّ یقول فی توضیح ذلک: یظهر من الدعاء الطلب من الله بشفاعة النبیّ صلی الله علیه و آله لا أن یطلب من النبیّ ویسأله.

أقول: إلّا أنّه یثبت بوضوح ما یرتبط ببحثنا من هذا الدعاء، لأنّ فی کلمة (بنبیّک) إشعار بمقام رسول الله صلی الله علیه و آله العظیم والحقّ الذی جعله الله له.

فلا یوجد إشکال ومانع من الطلب من الله بحقّ النبیّ صلی الله علیه و آله و أمّا ما یرتبط ببحث الشفاعة فیبحث عنه فی محلّه إن شاء الله تعالی.

وممّا یبین جواز هذا القسم من التوسّل هو أنّ الطلب من الله بالنحو المذکور (أی القسم بحقّ الأولیاء) هو کونه مصداقاً للدعاء وعمومات أدلّة الدعاء کقوله تعالی «ادعُونی أَستَجِب

لَکُم» تشمل العبادات المذکورة.

نتیجة الدلیل النقلی

التوسّل بالمعنی الأوّل والثانیّ (بأن نقسم علی الله بحقّ أولیائه وأنبیائه فی زمن الحیوة وبعد الوفات) لا إشکال فیه، بل حسن عقلاً ونقلاً وتبیّن أنّ المراد من الحقّ (ما ثبت لهم من الکرامة عند الله کما جعله الله لهم) ویظهر من قوله تعالی «وَکانَ حَقًّا عَلَینَا نَصرُ

اللّهمّ إنّی أسألک وأتوجّه إلیک بنبیّک محمّد صلی الله علیه و آله نبیّ الرحمة یا محمّد یا رسولَ الله أتوجّه (أتوسّل) بک إلی ربّی فی حاجتی لیقضیها (لتُقضی ) لی اللّهمّ فشفّعه فیّ.

ینبغی الإلتفات إلی أنّ عثمان بن حنیف یقول: جاء رجل أعمی إلی رسول الله صلی الله علیه و آله و شکی عنده العمی، فعلّمه رسول الله هذه الدعاء.

ثمّ یقول فی توضیح ذلک: یظهر من الدعاء الطلب من الله بشفاعة النبیّ صلی الله علیه و آله لا أن یطلب من النبیّ ویسأله.

أقول: إلّا أنّه یثبت بوضوح ما یرتبط ببحثنا من هذا الدعاء، لأنّ فی کلمة (بنبیّک) إشعار بمقام رسول الله صلی الله علیه و آله العظیم والحقّ الذی جعله الله له.

فلا یوجد إشکال ومانع من الطلب من الله بحقّ النبیّ صلی الله علیه و آله و أمّا ما یرتبط ببحث الشفاعة فیبحث عنه فی محلّه إن شاء الله تعالی.

وممّا یبین جواز هذا القسم من التوسّل هو أنّ الطلب من الله بالنحو المذکور (أی القسم بحقّ الأولیاء) هو کونه مصداقاً للدعاء وعمومات أدلّة الدعاء کقوله تعالی «ادعُونی أَستَجِب

لَکُم»تشمل العبادات المذکورة.

نتیجة الدلیل النقلی

التوسّل بالمعنی الأوّل والثانیّ (بأن نقسم علی الله بحقّ أولیائه وأنبیائه فی زمن الحیوة وبعد الوفات) لا إشکال فیه، بل حسن عقلاً ونقلاً وتبیّن أنّ المراد من الحقّ (ما ثبت لهم من الکرامة عند الله کما جعله الله لهم) ویظهر من قوله تعالی «وَکانَ حَقًّا عَلَینَا نَصرُ

المُؤمِنِیِنَ َ» ویوجد فی کتب العامّة والخاصّة مثل هذه العبارات بوفور، نذکر نماذج من هذه الأحادیث من کتبهم:

عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله لمّا اقترف آدم الخطیئة، قال: یا ربّ أسألک بحقّ محمّد صلی الله علیه و آله لمّا غفرت لی فقال الله:… صدقت یا آدم إنّه لأحبّ الخلق إلیّ أدعنی بحقّه فقد غفرت لک ولولا

  1. محمّد ما خلقتک.
  2. روی الحاکم فی الکبیر والأوسط من قول رسول الله صلی الله علیه و آله: إغفر لی لأمی فاطمة بنت أسد… ووسّع علیها مدخلها بحقّ نبیّک والأنبیاء الّذین من قبلی.
  3. ما رواه ابن ماجة بإسناده عن أبی سعید الخدّری(رض) قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله من خرج من بیته إلی الصلاة فقال: « أللّهمّ إنّی أسألک بحقّ السّائلین علیک وأسألک بحقّ ممشای هذا. فإنّی لم أخرج اشراً ولا بطراً ولا ریاءً ولا سمعة. وخرجت إتقاء سخطک وإبتغاء مرضاتک فأسألک أن تعیذنی من النار وأن تغفر لی ذنوبی. إنّه لا یغفر الذنوب إلّا أنت. أقبل الله علیه

بوجهه، واستغفر له سبعون الف ملک.

  1. عن أنس: أنّ عمر بن الخطاب کان إذا قحطوا استسقی بالعباس بن عبد المطلب فقال: أللّهمّ إنّا کنّا نتوسّل إلیک بنبیّنا(صلی الله و علیه وآله) فتسقینا وإنّا نتوسّل إلیک بعمّ نبیّنا فاسقنا قال: فیسقون

التوسل